أوراق للريح
*أ. د. مجيد حميد جاسم
حين علمت بنية استحداث جريدة ثقافية شهرية تعنى بالمشهد الثقافي بكل تمفصلاته المتشعبة من ثقافة , أدب , وفن , ونقد أدبي , وترجمة , وهي تجمع بين الملكة الثقافية المعرفية والمعرفة الأكاديمية الصرفة بصنفيها الموضوع والترجمة , حين علمت بذلك فرحت كثيرا . وهكذا كان إحساسي دائما حيال كل ملحق ثقافي يصدر او مجلة او جريدة تعنى بالثقافة وضروبها شأن أي نثقف آخر . وعلاوة على ذلك , تكون فرحتي اكبر عندما يستمر ذلك الملحق او تلك المجلة . وخلاف ذلك , تصيبني خيبة أمل ويعتريني الإحساس والإحباط حين يتوقف ملحق أدبي رصيد او مجلة ثقافية او أدبية وكما حصل في جريدة الأديب البغدادية الرائعة .
ولكن أوضح ماهية ما سأكتبه ان شاء الله تعالى في عمودي الثابت هذا علي ان استعرض ما انوي ان تنطوي عليه طبيعة هذا العمود . سيشمل عمودي هذا على الموضوعات الثقافية الراهنة التي تشكل هاجسا للثقافة والمثقفين سواء في العراق او في الوطن العربي و العالم . اذ سأحاول في عمودي هذا ان أتناول قضايا الثقافة عامة وقضايا الأدب من رواية وأدب قصصي وشعر ومسرح وشتى الفنون الأخرى , هذا فضلا عن النقد الأدبي ومدارسه المختلفة وتوجهاتها الفكرية .
وبالطبع لا بأس ان تتباين الموضوعات المدروسة بين المقال والموضوع حينا والمقال المترجم حينا آخر إذا ما كانت ثمة حاجة ملحة وفعلية لاي منها . كما أود ان أوضح منذ البدء ان العمود الحالي يستمد موضوعاته من طبيعة الأوراق المقترحة في العنوان ( أوراق للريح ) أي انه لا بأس ان خرج العمود بموضوعاته عن قيود اللغة والإبداع والهم الثقافي الى باقي شؤون الحياة لا سيما ان الحياة عينها هي التي ستوحي بكل موضوعاته وأفكاره لكي يكون بالتالي عاما , مقروءا من عامة القراء بمختلف اهتماماتهم ومستوياتهم العلمية ولا يكون نخبويا مقتصرا على التخصص والاهتمام العلمي التخصصي الضيق فنفقد بذلك الكثير من القراء الذين نحن بحاجة لوعيهم واستجابتهم لما هو مطروح اذ يقترب من هموم الثقافة والمثقفين في المجتمع ويمس تطلعاتهم ويربط بسايكولوجيا الإبداع لديهم .
إننا بعبارة أخرى , بمسيس الحاجة الى ما يعيد تقويم واقعنا الثقافي المعاصر وراهن المشهد الثقافي لتحديد مواطن الخلل وتشخيص مفاصل القوة لكي يصحح المثقفون أنفسهم ويصحح القيمون على الثقافة ما يحتاج التصحيح ويحددوا مسارات الإبداع الثقافي والأدبي باتجاهاتها الصحيحة لكي تصب في صالح مسيرة الثقافة والإبداع على نحو جاد .
ثقافتنا بحاجة الى إعادة نظر في كثير من مفاصلها ومساراتها لانها في واقع الامر لاتزال قاصرة عن مواكبة الإحداث الجسام التي وقعت في العراق ومسايرة التحولات الكبيرة والعظيمة التي حصلت وتحصل في العراق , ولهذا بقيت الإعمال الأدبية وقبلها الأفكار التي تسبق مرحلة الإنتاج حبيسة عقول أصحابها وان استطاعوا ان يترجموا ما استطاعوا ترجمته الى أعمال ادبية وذلك لقصور الرؤية الفنية للكتاب او المتلقين او للاثنين معا . وهكذا موقف هو حتما بحاجة الى تقويم على وفق متطلبات الاحتكام العقلي والتطور الحسي للأولويات بحسب الحاجة اليها فعليا وحسب تراتبية تأتي بالأكثر أهمية فالمهم فالأقل أهمية وذلك للنهوض براهن الثقافة العراقية ..
ثم يأتي السؤال المنطقي ( هل نستطيع نحن فعلا من صنع التغيير / ان تطلب الأمر ذلك / على وفق عملية إعادة التقويم التي تحصل لتصحيح المسارات بكل تنوعاتها ...؟ كيف يمكننا ذلك ونحن بعد لم نؤمن بأهمية الفعل الثقافي فعليا ؟ ترى كيف لنا ذلك ليسهم ذلكم الفعل في خلق مجتمع يلم شتات أفكاره ويعلق جراحه الوجيعة ويصبر بكبرياء لتجميل الالم المحض.
(أوراق للريح) عنوان العمود الذي سيتناول كل ما أشرت إليه متمنيا ان تكون محاولة ناجحة نسطر فيها على الأوراق هواجس الثقافة وهموم المثقفين لتسافر بها الريح في يوم عاصف في كل مكان ... أتمنى ذلك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق